القائمة

الرأي

نحو علاقة مغربية جزائرية راجحة !

     .

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

 (1)

ما من شك في أن الدولتين العظميين في المغرب العربي ( المغرب والجزائر ) عاشتا ، و منذ حصولهما على الاستقلال وضعا بالغ الغرابة . فبعد أن كان هذان القطران العربيان مضرب المثل في التضامن  والتآخي والعمل العربي الميداني المشترك ، لمواجهة أطماع الاستعمار الفرنسي،والتضحية من أجل الحرية والاستقلال ، و تمكين الشعبين الشقيقين من رغد العيش والحياة الكريمة ، أصبحا للأسف الشديد خصمين لدودين ، يسعى كل منهما إلى الإيقاع بالطرف الآخر من أجل إضعافه والقضاء عليه ، و النيل من تاريخه و راهنه و مستقبله ، و لحسن الحظ أن شعبي البلدين في وئام منقطع النظير، ومحبة وتفاهم غير مسبوقين ، وكأنهما يبعثان إلى أصحاب القرار السياسي برسائل غير مشفرة مفادها أنه مهما تماديتم في إغلاق الحدود ، و أمعنتم في اختلاق الأزمات، واقتناء مختلف أنواع أسلحة الدمار والخراب ، فإننا مصرون على مد يد المحبة إلى بعضنا البعض ،والتعبير بكل لغات العالم عن الرغبة في الدفاع عن مصيرنا المشترك و حلمنا الثابت بالوحدة و التقدم   و التنمية الشاملة .

( 2 )

وبين الفينة و الأخرى نسمع بعض الأصوات العاقلة تصدح هنا و هناك مطالبة بالتوقف النهائي عن المناكفة المعيبة ، والكف عن إضاعة مزيد من فرص البناء والتشييد في شتى الميادين ، و وضع حد للخلافات الكيدية غير المجدية . ومؤخرا عبر وزير الخارجية الجزائري السيد رمطان العمامرة عن استعداد بلاده للعمل من أجل التعاطي الإيجابي مع المشاكل التي تقف في وجه التطبيع بين البلدين الشقيقين خارج قضية الصحراء . وفي واقع الأمر لا يسع المهتم بالشأن العربي والمغاربي تحديدا إلا أن يشيد بهكذا رغبة ، تجنح نحو السلم و حل كل الخلافات السياسية ، أقلها فتح الحدود المغلقة منذ سنه 1994 ومواجهة مخاطر الإرهاب والجريمة المنظمة و مراقبة الحدود ، و إقامة المشاريع العظمى التي بإمكانها أن تجعل من اتحاد المغرب العربي فضاء جيوبوليتيكيا واقتصاديا فريدا .

( 3 )

بيد أن مثل هذا الكلام الصادر عن المسؤول الجزائري سبق و أن تم التعبير عنه في أكثر من مناسبة من قبل فاعلين سياسيين و اقتصاديين و مثقفين من كلا البلدين ، لأنه لا يكفي التعبير عن النوايا الطيبة لبلورة إنجاز سياسي ملموس ، إذ لا بد من تهيئة التربة الملائمة لاستنبات أزهار الوحدة والأخوة  والرقي، ولعل أبرزها في سياق الأزمة التي عمرت أكثر من اللازم بين المغرب والجزائر ، الكف العملي و الميداني عن تدخل كل دولة في شؤون دولة أخرى ، والقطع مع سياسة المحاور و الأحلاف الهادفة إلى تطويق الطرف " الخصم " ، والزج به في المربع الضيق .. ومعلوم لدى المعنيين بالشأن السياسي للمنطقة المغاربية أنه ما لم يتم التعامل الإيجابي مع موضوع الصحراء في إطار توافقي راجح و متوازن ، لا يمكن أن ترى شعوب المغرب العربي النور في آخر هذا النفق المظلم، ومادام المغرب يعتبر أن الصحراء جزء لا يتجزأ من أرضه ، فمن حقه أن يدافع عن وحدته الترابية بكل الوسائل القانونية و النضالية ، التي يراها كفيلة بتحصين وحدة الأمة ، كما هو الشأن في كل بقاع العالم . تماما كما أن الجزائر من حقها أن يكون لها رأي مخالف للمملكة المغربية وتعبر عنه في الهيئات والملتقيات الدولية ، لكن دون أن يتعدى ذلك إلى استعداء المغرب ، و وضع الإعلام و المال و السلاح  و المساندة اللوجستيكية .. في خدمة أعداء المملكة من الانفصاليين والاصطفاف إلى جانب المؤسسات و القرارات " الدولية " الهادفة إلى تقسيم الدول العربية و تجزيء مجزئها ، إذ كيف تستقيم الدعوة إلى العمل الثنائي المشترك ، و طي صفحة الخلافات في ظل مسلكيات سياسية عدائية ! أمام البلدين فرصة العمر للخلاص من شرنقة التجاذبات الدراماتيكية ، و الانتقال إلى ضفة النجاة و الإقلاع التنموي غير المسبوق عربيا ، فليجربا و لو مرة واحدة في تاريخهما الحديث  طريق السلام و المحبة و الوفاق ، بدل الصراع والتعنت والخصام !!

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال