القائمة

أرشيف

البهائيون في المغرب..من مشانق الإعدام إلى التعايش والاندماج في المجتمع

يعيش في المغرب إلى جانب معتنقي الإسلام السني والذين يشكلون الأغلبية الساحقة، معتنقو عدة طوائف ومذاهب دينية أخرى كالمسلمين الشيعة، واليهود، والمسيحيين، والأحمديين...، إضافة إلى البهائيين الذين ظهروا في المملكة في سنة 1952. فما هي الديانة البهائية؟ وكيف وصلت إلى المغرب؟

نشر
ضريح بهاء لله في مدينة حيفا
مدة القراءة: 5'

يشير التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية حول الحريات الدينية لسنة 2013، إلى أن غالبية المغاربة يدينون بالإسلام السني، متحدثا عن وجود أقليات دينية أخرى من بينها البهائيون، والذي يبلغ عددهم حسب التقرير 400 شخص يتواجد أغلبهم بمدينة طنجة.

يحتفل البهائيون يوم 21 من مارس بعيد النيروز، الذي يعتبر بمثابة بدايه السنة البهائية، وهو اليوم الأول من شهر البهاء، والبهائية هي إحدى الديانات التوحيدية والتي تؤكد في مبدئها الأساسي على الوحدة الروحية للجنس البشري، وترتكز على ثلاثة أعمدة تشكل أساس تعاليم هذه الديانة: وحدانية الله، أي أن هناك إله واحد فقط وهو الله الذي هو مصدر كل الخلق؛ وحدة الدين، أي أن جميع الديانات الكبرى لديها نفس المصدر الروحي، وتأتي من نفس الإله، ووحدة الإنسانية، أن جميع البشر قد خلقوا متساوين.

وتأسست العقيدة البهائية على يد حضرة بهاء الله في القرن 19 في بلاد فارس. وقد نفي بهاء الله من بلاد فارس إلى الإمبراطورية العثمانية، وتوفي بينما كان لا يزال سجينا. وبعد وفاة بهاء الله، انتشر الدين البهائي تحت قيادة ابنه عبد البهاء عباس.

وللبهائية عدة كتب مقدسة ومنها، "الكتاب الأقدس" وهو أكثر الكتب أهمية بالنسبة للبهائيين لأنه يحتوي على معظم التشريعات والأحكام المتعلقة بالعبادات والمعاملات التي يعتبرها البهائيون منزلة من عند الله وتلائم احتياجات الإنسان في هذا الزمان. ويأتي في المرتبة الثانية كتاب الإيقان الذي يحتوي على أجوبة لأسئلة طرحت على بهاء الله.

الكتاب الأقدس للبهائيين

وتشير بعض الإحصائيات إلى أنه يوجد اليوم حوالي خمسة إلى سبعة ملايين معتنق للديانة البهائية، يتوزعون في العديد من الدول بنسب متفاوتة.

البهائيون أمام القضاء المغربي

يشير موقع "الجامعة البهائية" الذي يشرف عليه بهائيون مغاربة، إلى أن هذه الديانة دخلت إلى المغرب ابتداءً من سنة 1952، بعدما بدأت بعض العائلات البهائية المهاجرة من أصول مختلفـة  تستقر تدريجيـا في المملكة.

وبعد عشر سنوات من تواجد هذه الديانة بالمغرب، وبالضبط في شهر أبريل من سنة 1962، قامت السلطات المغربية بمدينة الناظور، باعتقال ثلاثة عشر مغربيا، من الموظفين والمعلمين، فضلا عن مواطن سوري، من معتنقي البهائية، ووجهت لهم تهم ثقيلة تتعلق بـ"التمرد، الفوضى، الإخلال بالأمن العام، تشكيل عصابة إجرامية، والمس بالدين الإسلامي".

وقضت المحكمة الابتدائية في الناظور في حقهم بما مجموعه 3 إعدامات، و5 مؤبدات مع الأشغال الشاقة، و15 سنة سجنا نافذا للبقية. واستندت هيأة المحكمة في حكمها على "الطبيعة الخطيرة" للطائفة البهائية التي تصل إلى حد تهديد "سلامة المغرب والمس بدينه الرسمي".

غير أنه في العاشر من شهر دجنبر من سنة 1963 قرر المجلس الأعلى للقضاء إلغاء حكم ابتدائيـة الناظـور، وقضى ببراءة المتهمين الذين أطلق سراحهم بعد ذلك.

خروج البهائيين من سجن القنيطرة بعد تبرئتهنم

وقل الحديث بعد ذلك عن الدين البهائي بشكل تدريجي في الصحف ووسائل الإعلام المغربية، وفي سنة 2009 عاد الحديث عن هذه الديانة بعدما قررت القوات المسلحة الملكية المغربية طرد ضابط في مكناس اشتبه في انه اعتنق البهائية.

الشعائر والعبادات في البهائية                        

لا يعتقد البهائيون أن دينهم هو آخر الديانات التي ستشهدها البشرية، بالمقابل يؤمنون بتتابع الرسالات، ويعتقدون بوجود دين صالح لزمان ومكان معينين.

وبالنسبة للعبادات فيمكن لمعتنق الدين البهائي أن يختار نوعا من ثلاثة أنواع من الصلاة اليومية، حيث توجد الصلاة القصيرة، التي تؤدى مرة واحدة في اليوم وتكون خلال الفترة الممتدة من الزوال إلى المساء، وتقتصر هذه الصلاة على تلاوة بعض الآيات فقط. أما ثاني الصلوات فهي الصلاة الوسطى التي تؤدى ثلاث مرات في اليوم، ويشترط فيها السجود والركوع، فيما يطلق على النوع الثالث الصلاة الكبرى وتؤدى مرة واحدة في اليوم، ويختار المصلي وقت أدائها.

كما تفرض الديانة البهائية على معتنقيها الصوم، ويتكون التقويم البهائي من 19 شهرا، كل شهر به 19 يوما، ويصومون الشهر الأخير من كل سنة، وهو الشهر الذي يوافق الفترة ما بين 2 و 19 مارس.

فيما يحج البهائيون إلى مكانين هما بيت حضرة الباب بمدينة شيراز بإيران، وبيت سكنه بهاء الله بالعاصمة العراقية بغداد، ونظرا لعدم تسامح هاتين الدولتين مع البهائيين، فقد قرروا الحج نحو مدينتي حيفا وعكا بالأراضي الفلسطينية المحتلة، لوجود أضرحة الباب وبهاء الله بهما.

وتمنع البهائية تعدد الزوجات، وتحث على المساواة في الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل، وتوصي بعدم التدخل في الأمور السياسية أو الانضمام إلى الأحزاب، وتحرم شرب الخمر وكل ما يذهب العقل...

البهائيون المغاربة

تمكن موقع يابلادي من الاتصال بأحد معتنقي الدين البهائي، يدعى جواد مبروكي ويعمل أخصائيا نفسانيا بمدينة مكناس، وأوضح أنه "في الدين البهائي كل العبادات متساوية لأن ما يهم هو الهدف مِن سَنِّها. فالصلاة وتلاوة الآيات صباح مساء والصوم وغيرها من العبادات هي بمثابة الغذاء للروح، الهدف منها هو التقرب من الله والتعبير عن محبته وتهذيب الذات والعمل على خدمة المجتمع وصلاحه".

وأكد أنهم لا يتوفرون على أمكان للعبادة خاصة بهم في المملكة، مشيرا إلى أنهم يجتمعون "للاحتفال بالأعياد، كما نلتقي خلال الضيافة التسع عشرية  من  أجل الدعاء والتشاور حول مجموعة من الجوانب الاجتماعية، مثل تربية أبنائنا، وكيفية خدمة المجتمع".

وعن وجود قائد روحي لهم في المغرب قال مبروكي إنه "لا يوجد في الدين البهائي ما يقابل الحبر أو القسَّ أو الإمام، فالمحافل الروحانية تعنى بجميع الأمور سواء التعبدية أو التربوية أو الاجتماعية".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال