القائمة

interview_1

عبد الحافظ أدمينو: الجدل حول استقلالية النيابة العامة مرده إلى خصوصية النظام القضاء المغربي

صادق مجلس النواب يوم أمس الإثنين على مشروع قانون يتيح استقلالية النيابة العامة، عبر نقل اختصاصات وصلاحيات النيابة العامة من وزارة العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته الرئيس الجديد للنيابة العامة، وهو ما يتيح لهذه الأخيرة سلطات واسعة بعيدا عن رقابة البرلمان أو أي تدخل من السلطة التنفيذية.

وصوتت لصالح مشروع القانون الذي يحمل الرقم 33.17، جميع فرق الأغلبية الحكومية في مجلس النواب، بينما عارضه فريق حزب الأصالة والمعاصرة، فيما امتنع فريق حزب الاستقلال عن التصويت.

وأعلن فريق حزب البام أنه يفكر في الطعن في نص مشروع القانون أمام المحكمة الدستورية، وذهب عضو الفريق عبد اللطيف وهبي إلى حد القول إن المصادقة على مشروع القانون "خطأ سياسي يستوجب اعتذار الأغلبية للأجيال القادمة".
ولتسليط مزيد من الضوء على الجدل المثار حول استقلالية النيابة العامة اتصلنا في موقع يابلادي بعبد الحافظ أدمينو أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط وكان لنا معه الحوار التالي:

نشر
عبد الحافظ أدمينو أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط
مدة القراءة: 4'

كيف تنظرون إلى مصادقة مجلس النواب على مشروع القانون الخاص باستقلالية النيابة العامة؟

في هذه المسألة أساسا كانت هناك خيارات مرتبطة أساسا بالقرار السياسي بمعنى أن المفهوم الذي يعطى لاستقلالية القضاء يجب أن يراعى خصوصيات النظام الدستوري والسياسي، وهذا النقاش طرح بداية في الحوار الذي دشنته وزارة العدل حول اصلاح العدالة، وتبين أن هناك اختلاف على مستوى الموقف ما بين المهنين ومابين الفاعلين في مجال العدالة فهناك من يطالب باستقلالية مطلقة للنيابة العامة عن السلطة التنفيذية وسندهم في ذالك بعض النماذج القضائية الرائدة في العالم، وهناك من يقول إن استقلالية النيابة العامة يجب أن تراعى خصوصية وطبيعة النظام الدستوري و القضائي المغربي.

 بطبيعة الحال النقاش الذي أثير خلال هذه المدة كان لابد أن يتم حسمه على مستوى القرار السياسي باخرج نصوص قانونية تكرس هذه الاستقلالية، خاصة وأن الاحزاب السياسية جلها دافعت عن استقلالية جهاز النيابة العامة اساسا والقضاء بصفة عامة عن السلطة التنفيذية وهذا المسار هو الذي  لاحظناه أيضا من خلال إنشاء المجلس الاعلى للسلطة القضائية وكذلك القانونين التنظيمين المتعلقين بالقضاة.

والنقاش حول الاستقلالية المطلقة أثير أيضا في مناقشة هذين القانونين التنظيمين في الولاية التشريعية التاسعة، واتضح أن المكونات السياسية اتجهت جلها إلى إقرار هذه الاستقلالية مع بعض التحفظات التي أبدتها بعض الأحزاب السياسية وذلك مراعاة لخصوصية النظام القضاء المغربي، وأيضا التخوف من أن هذه الاستقلالية التي قد تجعل السلطة القضائية بعيدة عن كل مراقبة.

في حال إقرار مشروع القانون بشكل نهائي، هل ستصير النيابة العامة بعيدة عن المراقبة والحاسبة بشكل تام؟

مشروع القانون هذا يؤسس لذلك والخطاب الملكي الأخير أيضا واضح وجاء فيه أنه يجب إخراج هذا القانون قبل دورة أكتوبر، وأتصور أنه هذا القانون في مجلس المستشارين لن يتأخر كثيرا.

كيف تنظر لقرار فريق البام بمجلس النواب اللجوء للمحكمة الدستورية للطعن في مشروع القانون المتعلق باستقلالية النيابة العامة؟

مسألة الطعن يجب أن تكون مسألة طبيعية وعادية لأن المحكمة الدستورية أحدثت بغرض النظر في كافة الطعون التي يمكن أن تقدم ضد القوانين التي يمكن أن يتم إصدارها وهي متعارضة مع النظام الدستوري، أعتقد أن الطعن أمام المحكمة الدستورية أمر إجباري أكثر مما هو اختياري على اعتبار حساسية هذا النص، والمحكمة الدستورية في نهاية المطاف قد تقوم أي اعوجاج وقد تمنح توجها معينا لأي خيارات تضمنتها مشروع القانون.

هناك من السياسيين من  قال إن مشروع القانون هذا يستوجب الاعتذار للأجيال القادمة كيف تعلقون على الأمر؟

هناك تباين بين المهنيين وحتى الأحزاب السياسية، وهذا التباين ليس مرده رفض الاستقلالية بقدر ماهو مراعاة خصوصية النظام القضائي ببلادنا، والذي هو بطبيعة الحال نظام لا زال في طور البناء وفي طور الترسيخ. لذلك فالفاعلين السياسيين يبدون تخوفا من استقلالية النيابة العامة، التي قد تؤدي إلى أمور كان الهدف من وراء إقرارها هو مجابهتها.

هل من الممكن أن تتدخل السلطة التشريعية في حال إقرار مشروع القانون، عن طريق سن قوانين جديدة لعدم ترك النيابة العامة بعيدة عن المراقبة؟

من الممكن أن تتضمن نصوص قانونية أخرى مستقبلا ضمانات لكي لا تتخذ هذه الاستقلالية إن تم إقرارها بشكل نهائي طابعا سلبيا.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال