القائمة

أرشيف

عندما اقترحت بريطانيا تقديم جبل طارق إلى إسبانيا مقابل الحصول على أراض مغربية

رغم أن المملكة المغربية انسحبت من الصراع الإقليمي حول جبل طارق، إلا أنها بقيت حاضرة في جميع مقترحات تسوية النزاع الإسباني البريطاني على شبه جزيرة جبل طارق، والتي لا تبعد عن السواحل المغربية إلا بكيلومترات معدودة، وهو ما توضحه وثيقة مؤرخة في السابع من شهر يونيو من سنة 1940

نشر
جبل طارق
مدة القراءة: 3'

خضع جبل طارق للحكم البريطاني منذ معاهدة أوتريخت سنة 1713، ومنذ ذلك الحين تطالب إسبانيا بالحصول عليه، في حين ترفض لندن تسليمه بشكل قاطع، لكن هذا الموقف شهد تغيرا استثنائيا في السابع من يونيو من سنة 1940 حيث تم اصدار وثيقة، تؤكد استعداد بريطانيا لتسليم جبل طارق لإسبانيا مقابل الحصول على مدينتي الدار البيضاء والرباط اللتان كانتا في ذلك الحين تحت الاحتلال الفرنسي.

قاعدة بحرية إنجليزية في المغرب

بعث العميد فرانسيسكو مارتن مورينو رسالة إلى رئيسه ووزير الجيش الإسباني خوسيه إنريكه فاريلا ليبلغه بتصريح الحاكم البريطاني لجبل طارق، الجنرال ليدي، الذي قال إنه مستعد لأن "يقترح على حكومته تسليم جبل طارق بما في ذلك مدافعه مقابل جهة صغيرة بالمغرب تضم الدار البيضاء والرباط من أجل إقامة قاعدة بحرية بالمحيط الأطلسي تمكن إنجلترا من السيطرة، إذا لزم الأمر، على السفن التي تعبر من جبل طارق متجهة إلى البحر الأبيض المتوسط وتلك التي تخرج من المحيط الأطلسي".

وفي ذلك الحين كانت الحرب العالمية الثانية قد اندلعت، وغزت القوات الألمانية معظم دول أوروبا الشرقية، وصولا إلى العاصمة الفرنسية باريس. وجاء قرار لندن بعد شعورها بأن الأمور تتحول لصالح ألمانيا، فمن أجل إقناع فرانكو بعدم الانضمام في الحرب إلى جانب حليفه هتلر، قررت لندن تقديم هذا العرض المغري لإسبانيا.

وخلال الحرب الاهلية التي شهدتها إسبانيا في الفترة الممتدة بين 1936 و1939، كان دور القوات الألمانية حاسما في انتصار قوات فرانكو، حيث شعر هذا الأخير بارتياح شديد بعد تمكن الألمان من اقتحام فرنسا، فبعد دخول هتلر لباريس 14 يونيو 1940، احتفل الجنود الاسبان بهذا النصر بطريقتهم الخاصة عبر دخولهم طنجة، وتم اعتبار الأمر اقتحاما للمدينة ذات الطابع الدولي.

ولم يكن تسلسل الأحداث لصالح إسبانيا وألمانيا، حيث استسلمت القوات النازية في 8 من شهر ماي سنة 1945، لكن الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو استطاع بعد سنوات التقرب من الأمريكيين مستغلا الصراع بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي، حيث تمكن من إيجاد موطئ قدم له في الساحة الدولية.

وإلى اليوم لا يزال جبل طارق تحت السيادة البريطانية، في حين تستمر اسبانيا في احتلال سبتة وامليلية.

مناقشات سنة 2001

جرت مفاوضات بين اسبانيا وبريطانيا خلال خريف 2001 للتوصل إلى حل سياسي متوافق عليه بين البلدين بخصوص جبل طارق.

وقد ساهم قرب الأفكار بين توني بلير وخوسيه ماريا أثنار آنذاك إلى حد كبير في إنجاح الاجتماعات بين ممثلي الحكومتين، وبدأت الجولة الأولى من المفاوضات في 20 نونبر من سنة 2001 ببرشلونة، وأكد وزير الخارجية الإسباني في حينه، الكاتالوني جوزيب بيكي أن مستقبل جبل طارق "قضية دولتين ذات سيادة".

وأعلن نضيره البريطاني جاك سترو في 12 يوليوز أن لندن ومدريد اتفقتا على السيادة المشتركة على شبه الجزيرة. مع الإبقاء على القاعدة العسكرية البريطانية التي تشغل وحدها 40٪ من مساحة جبل طارق، ورغم أن إسبانيا تنازلت عن مطلبها بتخلي بريطانيا نهائيا عن تواجدها في جبل طارق، إلا أنها سارعت إلى الاحتفال بالاتفاق التي توصلت إليه مع لندن.

 ومن جهته وصف بيتر كيرونا، رئيس وزراء حكومة جبل طارق الاتفاقية بأنها "خيانة" من جانب لندن وأعلن في 26 يوليو 2002، عن تنظيم استفتاء في 9 نونبر من نفس السنة حول الاتفاقية الاسبانية البريطانية، وصوت  99.26 بالمئة برفضها.

وكانت هذه المرة الثانية التي يتشبث فيها شعب جبل طارق بالبقاء تحت الحكم البريطاني، بعد استفتاء سنة 1967، حيث كانت نتيجة الاستطلاع الشعبي وقتها 12138 صوت من أجل البقاء تحت الحكم البريطاني مقابل 44 صوت فقط مع الانضمام إلى إسبانيا.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال