القائمة

أرشيف

قبيلة المغاربة في السودان .. أكبر جسر بشري بين دولتين إسلاميتين

توجد في السودان قبيلة يطلق عليها اسم "قبيلة المغاربة" تعود أصولها إلى مغاربة هاجروا إلى السودان في القرن الثامن عشر، ولا زال أفراد هذه القبيلة يحتفظون لحد الآن ببعض العادات والتقاليد المغربية، كما أن الفضل يعود لهم في نشر الطرق الصوفية في البلاد التي اختاروها مستقرا لهم.

نشر
العاصمة السودانية الخرطوم
مدة القراءة: 4'

ليس من المستغرب أن تتواجد جاليات مختلفة في معظم دول العالم، ويكثر عدد أفراد جالية معينة في بلد ما بالنظر إلى البعد أو القرب الجغرافي، وكذلك بحسب العلاقات السياسية والثقافية والاقتصادية، ولكن أن يتواجد مواطنون من دولة ما في دولة أخرى على شكل قبيلة لها تأثيرها ووزنها، فهو أمر يثير الاستغراب.

هذا الأمر ينطبق على المغاربة الذين هاجروا إلى السودان خلال القرن الثامن عشر واستقروا بها وشكلوا مع مرور الوقت قبيلة بات يطلق عليها اسم "قبيلة المغاربة" نسبة إلى وطنهم الأصلي.

وقرر الوافدون الأوائل الاستقرار بالسودان بعد زيارتهم للأماكن الإسلامية المقدسة في الحجاز لأداء فريضة الحج، فعملوا على نشر التصوف الذي كان منتشرا بالمغرب من خلال العديد من الزوايا المعروفة.

وفي تصريح سابق لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال كامل عبد الماجد المستشار السابق في المجلس الوطني السوداني، وهو أحد المنتسبين لقبيلة المغاربة بالسودان: "أسلافنا المغاربة أتوا (...) إلى السودان، لنشر الاسلام، قادمين من عدة مناطق بالمغرب، خاصة من فاس، ولعل ذلك ما يفسر القول المأثور عند أهل السودان "فاس اللي ما وراها ناس"، اعتقادا منهم بأن فاس لا توجد وراءها يابسة".

وفي حديثه لموقع يابلادي قال الصحافي والكاتب السوداني طلحة جبريل الذي اختار الإقامة بالمغرب منذ سنوات طويلة: "قبيلة المغاربة من القبائل السودانية وهي تنحدر من أصول مغربية. كان أفرادها يأتون في القرن 18 والقرن 19 إلى الحج ويستقرون هناك، فمن طاب له المقام واستقر دعا أقاربه إلى الاستقرار في المناطق التي اختارها". وبحسب جبريل فإن أهم مدينة تضم المغاربة في السودان:

"هي مدينة الهلالية (120 كيلو متر جنوب العاصمة الخرطوم) نسبة إلى بنو هلال ، وتتوفر هذه المدينة على أخصب الأراضي في السودان، وكانوا عادة يستغنون عن أسمائهم العائلية ويقولون فلان بن فلان المغربي، ولذلك انتشر هذا الاسم كثيرا في السودان، يقدر عددهم حاليا طبقا لإحصاءات شبه رسمية بحوالي نصف مليون نسمة".

وإضافة إلى مدينة الهلالية فإنهم يتواجدون حسب جبريل في حي كبير في العاصمة الخرطوم "حي بمثابة مدينة اسمه حي حلفاية الملوك، وأنا أرجح أن يكون اسمه نسبة إلى الملوك المغاربة".

ويؤكد الصحافي السوداني أن من أبناء هذه القبيلة شخصيات وازنة في البلاد: "على سبيل المثال مبارك المغربي (1928-1982) الذي كان عضوا في مجلس الرئاسة السودانية في بداية الاستقلال، ومن أشهر المغاربة المعروفين في السودان مذيعة راحلة كانت تعمل في الإذاعة السودانية وهي تملك صوتا من أجمل الأصوات، اسمها ليلى المغربي".

وأوضح طلحة جبريل أن المغاربة الأوائل الذين استقروا بالسودان، كانوا من مريدي الطرق الصوفية، "ونشروا كثيرا من هذه الطرق في السودان، ولذلك البلدان الوحيدان اللذان يتشابهان في الطرق الصوفية هم المغرب والسودان: التيجانية والشاذلية والبودشيشية...".

وقال إن "معظم هؤلاء المغاربة عملوا في الفلاحة أو الجندية، ويوجدون في مناطق في ضواحي العاصمة، إضافة إلى ذلك تصاهروا مع السودانيين باعتبارهم عرب مسلمين، وانتشروا في عدد من أنحاء السودان".

اهتمام مغربي

في الفترة الأخيرة بدا الاهتمام المغربي يتزايد بهذه القبيلة، حيث يؤكد طلحة جبريل أنه "عندما عين محمد ماء العينين سفيرا للمغرب في السودان وهو عميد السلك الديبلوماسي في الخرطوم، حرص على إيفاد عدد كبير من الطلبة ذوي الأصول المغربية إلى الجامعات المغربية، وهذه المبادرة وجدت كل الاستحسان من طرف السودانيين". ووصف هذا التواجد المغربي في السودان بأنه:

"أكبر جسر بشري موجود في العالم العربي والإسلامي بين بلدين، أنا لا أعرف بلدا فيه مواطنين، ولا أقول جالية، يحملون نفس الانتماء وصلوا إلى نصف مليون، صحيح أن الهجرة قديمة ولها قرابة قرنين من الزمان، لكن السحنات هي سحنات مغربية، ولذلك تجد أسرا باسم السلاوي والمراكشي...، وهذه الأسماء تبين أصول هؤلاء الناس".

وبخصوص العادات والتقاليد قال جبريل "في الهلالية على سبيل المثال احتفظوا بتقاليدهم، ونحن نعرف أن السودانيين كلهم مسلمين سنة على المذهب المالكي، لكن أفراد قبيلة المغاربة يحتفلون بعاشوراء كما في المغرب، وعيد الأضحى عندهم عيد مهم جدا وتلتقي فيه الأسر كما هو الشأن في المغرب، علما أن عيد الأضحى في السودان يعتبر يوما عاديا لا يحتفى به كما يحتفي به المغاربة".

وأكد أنهم "يلبسون ملابس قريبة جدا من الجلباب المغربي هي ليست مطابقة له تماما ولكنها قريبة جدا منه، وبخصوص الأكل لاحظت أن هناك أكلات متشابهة خاصة أطباق اللحم المطبوخ والدجاج المطبوخ القريبة جدا من الأطباق المغربية".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال