القائمة

أخبار

النرويج بين النفاق السياسي اتجاه الصحراء الغربية وأولويات التجارة

أججت شركات كندية و أمريكية مؤخرا لهيب الحكومة النرويجية بسبب العلاقة التي تربطها بالمكتب الشريف للفوسفاط و التي تعتبر كإخلال بالأعراف جراء النزاع القائم  بالصحراء و التي يستخرج منها المكتب كميات مهمة من الفوسفاط، في حين لم تأبه الحكومة بتلك الأعراف حين تحالفت الشركات النرويجية مع المكتب الشريف للفوسفاط  لغزو سوق برازيلية مهمة، و فيما يلي التوضيحات.

نشر مدة القراءة: 3'
هل يطرح فعلا  استخراج  الفوسفاط من الصحراء مشكلا للحكومة النرويجية؟
هل يطرح فعلا استخراج الفوسفاط من الصحراء مشكلا للحكومة النرويجية؟

في بداية شهر دجنبر، أصدر صندوق البترول النرويجي، أحد أهم المستثمرين في العالم، عقوبات في حق عدة شركات متهمة بخرقها لقواعد الأخلاق المهنية و الحكامة، و يستهدف الصندوق السيادي النرويجي  مجموعة شركات ( ف. م. س FMC) الأمريكية المتخصصة في الصناعة الكيميائية و شركة ( بوطاش) الكندية المتخصصة في صناعة الأسمدة، و حسب الوكالة الإعلامية رويترز، فإن وزير المالية  النرويجي أشار إلى الشركتين بسبب العلاقة التي تربطهما بالمكتب الشريف للفوسفاط  الذي يجني كمية هائلة من منطقة بوكراع بالصحراء، و سوف لن تنظر الحكومة النرويجية  بعين الرضا  إلى استعمال أحد شركائها لمواد أولية مستخلصة من منطقة متنازع بشأنها، ويعتبر صندوق البترول النرويجي أن  اتحاد الشركتين ( بوطاش و ف.م.س) مع المكتب الشريف للفوسفاط  يشكل "خرقا واضحا للقواعد الأساسية للأعراف الأخلاقية" ، و نتيجة لذلك قرر الصندوق السيادي النرويجي التشطيب  على هذه الشركات من لائحة الاستثمارات.

 و رغم ذلك...

ألم تكن الشركات النرويجية الأجدر باحترم "القواعد الأساسية للأعراف الأخلاقية" التي وضعتها الحكومة ؟ يبقى هذا السؤال قائما في الوقت الذي أعلنت فيه رويتز، يوم أمس، عن عقد اتفاق "بروتوكول" إنشاء شركة المحاصة مع المكتب الشريف للفوسفاط  .

و يهدف اتحاد الشركتين إلى تزويد السوق البرازيلية بالفوسفاط ، و حسب بنود الاتفاق فإن المكتب الشريف للفوسفاط سيصدر الفوسفاط  الموجه لتصنيع الأسمدة و مشتقاتها بواسطة مصنع  "يارا" المتواجد بولاية "ريو" الكبرى جنوب البرازيل، و يعد هذا السوق مهما بالنسبة للمكتب الشريف للفوسفاط حيث سيمكن هذا الأخير من تصدير 350.000 طن سنويا مقابل 50 بالمائة من الأرباح المحققة من إنتاج الأسمدة، و تقر بنود الاتفاق أيضا، بأن المكتب الشريف للفوسفاط  سيزود مصانع  يارا الأوروبية  بالمادة الأولية، و لم يخف "جوركن أول هسليستاد" المدير العام لشركة يارا ارتياحه عند توقيع الاتفاق وقال " نحن مسرورون بإعلان هذا التعاون مع المكتب الشريف للفوسفاط  (...) و أن البرازيل سوق فلاحية واعدة حيث سنتمكن  بالتعاون مع المكتب الشريف للفوسفاط  من إنشاء أرضية صلبة لدعم هذا النمو". و رغم كون يارا شركة نرويجية ، فتجدر الإشارة إلى أن المساهم الرئيسي هو الدولة النرويجية نفسها حيث تملك وزارة التجارة والصناعة 32.6 بالمائة من رأسمالها، و خلاصة القول،  ستنتج و تصدر إحدى شركاتها أسمدة مصنعة من مواد أولية مستخرجة من الصحراء، فهل ستدفع تكلفة الأعراف الأخلاقية الحكومة إلى التخلي عن حصصها في شركة يارا و تعلن على أنها غير جديرة بالانتماء إلى النسيج الصناعي  النرويجي؟ و هل ستدفع الأعراف الأخلاقية شركة يارا إلى التخلي عن هذه الشراكة المربحة التي تمكنها من ضمان إمدادها بالمواد الأولية على المدى البعيد إلى جانب إحدى الشركات الرائدة في السوق العالمية؟ و ببساطة، هل سيعمل منطق التجارة بما سلف ذكره، في ظل سياسة يصعب فهمها ؟

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال