القائمة

أخبار

المغرب وإيرلندا يتجهان نحو تجاوز خلافاتهما الدبلوماسية

في السنة المقبلة ستفتتح إيرلندا سفارة لها في الرباط، لتعلن بذلك بداية فصل جديد في العلاقات مع المغرب، علما أن العلاقات بين البلدين مرت ببعض الأزمات في الماضي على خلفية موقف دبلن من قضية الصحراء.

نشر
الحبيب المالكي رفقة الرئيس الإيرلندي مايكل دي هيغنيز
مدة القراءة: 5'

على الرغم من أن جمهورية إيرلندا أصبحت عضوا في الأمم المتحدة في شهر دجنبر من سنة 1955، إلا أنها لم ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع المغرب إلى في بداية سنوات التسعينات، اذ افتتحت المملكة سفارتها في دبلن سنة 1992، ما فتح الباب آنذاك أمام التعاون الاقتصادي بين البلدين.

ولم يمنع افتتاح سفارة للمغرب في دبلن، من أن تشهد العلاقات بين البلدين بعض التوتر في بعض المناسبات، بسبب موقف إيرلندا من نزاع الصحراء الغربية.

ووصل الخلاف بين البلدين إلى حد استدعاء الرباط سفيرها في دبلن للتشاور في سنة 2012، احتجاجا على استقبال رئيس إيرلندا مايكل دي هيغنيز زعيم "البوليساريو" محمد عبد العزيز بصفته "رئيس دولة".

وكتب إيمون غيلمور نائب رئيس الحكومة الإيرلندية في حينه بعد اجتماعه بزعيم البوليساريو الراحل انه "أوضح في لقائه مع رئيس الجمهورية الصحراوية محمد عبد العزيز أنه يدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير"، بحسب ما نقلته صحيفة الإندبندنت الإيرلندية.

 وتزامن استقبال زعيم البوليساريو بدبلن مع زيارة وفد برلماني إيرلندي للمغرب، وحسب نفس المصدر فقد لمس الوفد الإيرلندي انزعاج المسؤولين المغاربة الذين التقاهم بسبب الاستقبال الذي خصصته بلادهم لزعيم البوليساريو، وقال أحد أعضاء الوفد "كان الأمر محرجا مع وصولنا إلى هناك تم استدعاء السفير المغربي، الحكومة المغربية لم تكن سعيدة".

وبعد مرور شهر واحد، عاد السفير المغربي إلى دبلن، ولم تنجح الجهود الدبلوماسية المغربية من تغيير الموقف الإيرلندي بشأن نزاع الصحراء الغربية، وقالت وزارة الخارجية الإيرلندية في حينها "إيرلندا لها تقليد في الاجتماع بممثلي شعب الصحراء الغربية ودعم استفتاء تقرير المصير".

وقال متحدث بوزارة الخارجية لوسائل الإعلام "إن الحكومة المغربية لا تتقبل موقفنا من نزاع الصحراء الغربية".

واستمر الموقف الإيرلندي على حاله لسنوات، ففي شهر دجنبر من سنة 2018، قال وزير الشؤون الخارجية والتجارة الإيرلندي الحالي سيمون كوفيني، في رده على سؤال حول الوضع في الصحراء الغربية وموقف الاتحاد الأوروبي "إن موقف إيرلندا مثله مثل موقف الاتحاد الأوروبي، نأخذ بعين الاعتبار تصنيف الأمم المتحدة الصحراء الغربية كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي".

وأضاف أن بلاده "تدعم حق شعب الصحراء الغربية في تقرير مصيره" مؤكدا أنه لا يعرف إن كان تقرير المصير "سيؤدي إلى الاستقلال أو الاندماج أو الحكم الذاتي، أو حلا أخر"، مشيرا إلى أن ذلك لا يهم "طالما تقرر ذاك بعد ممارسة حقيقية لتقرير المصير".

وخلال ذات الشهر أقرت الغرفة العليا من البرلمان الإيرلندي مشروع قانون "يحظر استيراد السلع أو الخدمات من الأراضي المحتلة". وأصر عدد من البرلمانيين الإيرلنديين على "ادخال الصحراء الغربية ضمن المناطق التي يشملها القانون"، وفق لما ذكره موقع إيرلندا تايمز.

وفي شهر مارس من سنة 2019، استقبل الرئيس الإيرلندي وفدا من جبهة البوليساريو في العاصمة دبلن، وسلم الوفد الانفصالي الرئيس الإيرلندي رسالة من إبراهيم غالي.

وأجرى وفد جبهة البوليساريو آنذاك مباحثات مع عدد من السياسيين الإيرلنديين، وزار مقر وزارة الشؤون الخارجية في دبلن.

وعلى خلاف ما وقع سنة 2012، لم يقم المغرب باستدعاء سفيره في دبلن، ولكن قرر هذه المرة التعامل بطريقة أخرى، ففي شهر يونيو من سنة 2019، زار وفد من منتخبي الصحراء إيرلندا، والتقى بعدد من المسؤولين، وبعد أيام من ذلك توجه رئيس مجلس النواب المغربي الحبيب المالكي إلى دبلن واستقبله رئيس البلاد مايكل دي هيغنيز.

ووفقا لبلاغ نشرته الرئاسة الإيرلندية فقد أجرى الرئيس "مع الحبيب المالكي نقاشا شاملا حول مجموعة من القضايا، بما في ذلك علاقات إيرلندا بالدول الإفريقية، وعلاقات الاتحاد الأوروبي مع المغرب والمنطقة، والتحديات التي تطرحها مشكلة التغيرات المناخية، ومتطلبات التنمية المستدامة".

وبعد ذلك قام وفد إيرلندي رفيع المستوى يترأسه رئيس الغرفة الأولى في البرلمان شون أو فيرغيل بزيارة المغرب، والتقى الوفد برئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي، وبحثا علاقات البلدين كما استعرضا فرص تقوية العلاقات السياسية والاقتصادية.

وقال المسؤول الإيرلندي في تصريح لوسائل الإعلام إنه اتفق مع الحبيب المالكي، على تعزيز العلاقات والمبادلات التجارية، وإنشاء لجنة صداقة بين البلدين.

كما أعلن أن بلاده قررت فتح سفارة لها في المغرب، لتعزيز تمثيلياتها الدبلوماسية في العالم، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأجرى الوفد الإيرلندي لقاء مه رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، خليهن ولد الرشيد، وتمحورت المباحثات حول آخر تطورات قضية الصحراء الغربية.

وبالإضافة إلى العلاقات الدبلوماسية، بدأ البلدان في التقارب على المستوى الثقافي، ففي شهر يوليوز الماضي زار وفد أكاديمي مغربي يمثل جامعة القاضي عياض بمراكش، إيرلندا بهدف تعزيز الشراكة الأكاديمية مع جامعة دبلن سيتي في مجال التعليم والبحث العلمي.

وخلال الشهر نفسه استقبلت جامعة الأخوين بإفران، وفدا من كلية ترينيتي في دبلن من أجل "الاطلاع على السبل المتاحة لتبادل الزيارات الطلابية، وأيضا تبادل الخبرات المتعلقة بالمقررات التعليمية والبحث العلمي".

وتشير التحركات الدبلوماسية والثقافية في الآونة الأخيرة، إلى وجود رغبة مشتركة بين البلدين من أجل تجاوز الخلافات، والرقي بالعلاقات الثنائية نحو الأفضل.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال