القائمة

أخبار

كيف ينظر مغاربة هولندا لقانون منع ارتداء البرقع في المرافق العامة؟

دخل قانون منع ارتداء البرقع و النقاب وكل ما من شأنه تغطية الوجه كليا أو جزئيا، يوم أمس الخميس حيز التنفيذ. وفي الوقت الذي يعتبره البعض استهدافا للمسلمين في هذا البلد الأوروبي، يرى آخرون أنه يأتي لضرورة أمنية.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

بعد نقاش دام لأكثر من 14 سنة في هولندا، دخل قانون حظر البرقع أو النقاب أو تغطية الوجه كليا أو جزئيا حيز التنفيذ يوم أمس الخميس، ولم يعد بذلك ارتداء النقاب مسموحا به في المؤسسات العامة مثل المدارس والمستشفيات والمكاتب الحكومية وفي وسائل النقل العمومية الحافلات والقطارات.

وبحسب بلاغ لوزارة الداخلية الهولندية فقد بات "محظورا ارتداء ملابس تغطي الوجه في المؤسسات التعليمية والمعاهد والمباني العامة والمستشفيات ووسائل النقل العامة". وأضافت في بلاغها أنه "من المهم في هذه الأماكن العامة من أجل السلامة وحسن سير الخدمات العامة أن يتمكن الجميع من التعرف والنظر الى بعضهم البعض".

وأوصت وزارة الداخلية بوجوب رفض العاملين في المدارس والمستشفيات والمؤسسات والسائقين التعامل مع امرأة ترتدي برقعا أو الاتصال بالشرطة. وينص القانون على فرض غرامات مالية بما لا يقل عن 150 يورو على السيدات اللواتي ترفضن تطبيق القانون الجديد.

وينطبق الحظر أيضا على أغطية الوجه الأخرى مثل الخوذات التي تغطي كامل الوجه أو الأقنعة. وتفيد بعض الإحصائيات أن بين 200 و400 امرأة يرتدين البرقع في هولندا التي يبلغ عدد سكانها 17 مليون نسمة.

لكن قطاع النقل العام أعلن أن السائقين لن يوقفوا حافلاتهم أو قطاراتهم لإرغام امرأة مخالفة على النزول، لأن ذلك سيتسبب في تأخير، كما أعلنت مستشفيات في البلاد أنها لن ترفض تقديم الرعاية لأي شخص، بصرف النظر عن الملابس التي يرتديها.

وكان النائب المعادي للإسلام خيرت فيلدرز الذي يتزعم حزب الحرية اليميني المتطرف، هو من اقترح في سنة 2005 التصويت على قانون حول البرقع.

مغاربة هولندا ورفض قانون منع البرقع

تفيد أرقام مركز الإحصاء الهولندي "سي بي إس" أن عدد المغاربة في هولندا يبلغ أكثر من 386 ألف، وفي الوقت الذي اعتبر البعض منهم أن هذا القانون يستهدف الجاليات المسلمة، رأى آخرون أنه يبقى قانونا عاديا وأنه لا يجب أن يتحول إلى قضية كبرى.

 ففي تصريح لموقع يابلادي قال عبدو المنبهي رئيس المركز الأورومتوسطي للهجرة والتنمية بأمستردام، إن "الآراء تختلف، هناك من يعتبر البرقع واجبا دينيا وهذه الآراء تمثلها بعض المجموعات الصغيرة، وهناك من يعتبر أنه يدخل في إطار حملة يقودها اليمين المتطرف تستهدف المسلمين وتستفزهم".

وبالإضافة إلى ذلك هناك من ينطلق بحسب المنبهي من خلفية حقوقية، ويرى "أنه يجب احترام حق المرأة في أن تلبس ما تشاء".

وتابع قائلا "بالنسبة لنا الحل ليس هو المنع، ولكن الحل هو الحوار والبحث عن حلول. فعلا قضية البرقع خلقت مشكلة ليس في هولندا فحسب بل في العالم كله". وأكد أن الفرقين المتشددين الرافض والداعم للقانون دخلا في مزايدات لا تستند إلى أسس متينة.

"البعض يزايد بالقول إن منع البرقع جاء لأسباب أمنية وأن الإرهابيين يمكنهم الاختباء في هذا النوع من اللباس، بالمقابل أبدى آخرون استعدادهم لدفع الغرامات التي ستفرض على مرتديات البرقع. هناك نوع من التطرف من كل الجهات. فاليمين المتطرف يعتبر نفسه انتصر في معركته الأولى ويريد أن يسير في هذا الاتجاه لمنع الحجاب، ثم طرد المسلمين نهائيا. وهناك المتطرفين الإسلاميين الذين يعتبرون البرقع واجبا دينيا".

عبدو المنبهي

وأكد المنبهي أن "هذه مجرد مزايدات، وكان حريا بالطرفين البحث عن توفير جو للتعايش والتفاهم. نحن كحقوقيين نتفق على أن الحل يجب أن ينطلق من أن لكل الحق في اختيار لباسه. نحن ضد استغلال هذه القضية من طرف اليمين المتطرف وكذا من طرف بعض الإسلاميين الذين يحاولون خلق مشكل من هذه القضية".

من جانبه قال الصحافي المغربي في هولندا ناتج بن الصديق في تصريح لموقع يابلادي إن "هذا القانون ليس فيه استهداف لأحد، من حق المسؤولين أن يعلموا هوية لابسة البرقع، وهذا عادي". وأكد أن أغلب مرتديات البرقع ينحدرن من "الصومال وإندونيسيا، وبعض دول الشرق الأوسط"، وواصل "عدد المغربيات اللواتي ترتدين البرقع قليل جدا".

وفي تصريح لموقع يابلادي قالت نادية بوراس الباحثة في تاريخ الهجرات المغربية نحو هولندا "حظر البرقع لا يحل أية مشكل، يجب أولا تحديد جوهر المشكل، هذا القانون يعادي الإسلام لأنه اقترحه خيرت فيلدرز، قبل 14 عاما".

وبحسبها فإنه بالرغم من أن هذا القانون يتحدث عن حظر تغطية الوجه، إلا أنه "يستهدف بالدرجة الأول المرأة المسلمة التي ترتدي البرقع". وواصلت حديثها قائلة "عندما نتحدث عن النساء اللواتي ترتدين البرقع، فإننا نتحدث عن أقلية صغيرة للغاية داخل أقلية تواجه بالفعل الإسلاموفوبيا".

وتابعت أن "خيرت فيلدرز تحدث عن الانتقال إلى الخطوة التالية، والمتمثلة في حظر الحجاب. لا أرى حقيقة ما هو الغرض من هذا الحظر".

ورأت أنه يجب ترك النساء يقررن نوع اللباس الذي يردنه، وأكدت أنها لا "تعتقد أن قانونا مثل هذا يمكن اعتباره قانونا ديمقراطيا بأي شكل من الأشكال".

"معظم النساء اللواتي ترتدين النقاب في هولندا هن من النساء الهولنديات اللواتي اعتنقن الإسلام. ولا يمكن لفيلدرز ولا غيره أن يطلب منهن العودة إلى بلادهن التي تسمح بارتداء البرقع لأن هذه هي بلادهن. وهن من اخترن هذا اللباس".

نادية بوراس

بدوره قال الفاعل الجمعوي المغربي أحمد لاروز في تصريح مماثل لموقع يابلادي إن هذا القرار"غير منطقي وتمييزي ولا يحترم حقوق الإنسان".  وأضاف "الديمقراطية تلعب دورها" في هذه القضية ، موضحا أن "المعارضين للقانون يلتزمون الصمت"، بينما يتم ترك "مساحة للمتطرفين اليمينيين لتقديم مشاريع قوانين من هذا النوع".

"هناك مسلمون يقولون إنهم يعارضون البرقع ، لكن هذا القانون لا علاقة له بالرأي الشخصي. نحن نعيش في بلد ديمقراطي يجب أن تحترم فيه حقوق الناس. طبعا نحترم النساء اللواتي لا ترتدين الحجاب، ويجب أن نحترم أيضا اللواتي ترتدين البرقع، خاصةً أن هذا اللباس اختيار شخصي. القمع الحقيقي هو إجبار النساء على ارتداء نوع من اللباس".

أحمد لاروز

وأضاف أنه "على الرغم من أن مرتديات البرقع تمثلن مجموعة صغيرة ، لكن يجب ألا تجدن أنفسهن عرضة للتمييز". واعتبر أن دخول هذا القانون حيز التنفيذ يثبت أن المسلمين لا زالوا يواجهون "صعوبات على المستوى السياسي والاجتماعي". وختتم قائلاً "نحتاج إلى تعزيز مشاركتنا السياسية وجعل أصواتنا مسموعة، بدلاً من مقاطعة الانتخابات".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال