القائمة

أخبار

دياسبو #103: جميلة العنزي.."المغربية" التي مثلت المرأة الهولندية في الأمم المتحدة

جميلة عنزي هي أول امرأة مغربية هولندية تتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حول تمكين المرأة في هولندا، ليتم تعيينها في سنة 2017 ممثلة للمرأة الهولندية في الأمم المتحدة.

نشر
جميلة العنزي
مدة القراءة: 5'

ولدت جميلة العنزي وترعرعت بأمستردام، وسط أسرة مغربية كبيرة تتكون من أب وأم وسبعة إخوان، ولدان وخمسة فتيات. هاجر والدها إلى هولندا من أجل البحث عن حياة أفضل، لتكبر جميلة وتفرض وجودها في الأراضي المنخفضة كمدربة وخبيرة استشارية، وتصبح بذلك مثالا للمرأة الهولندية والمغربية أيضا.

كانت طفولة جميلة مختلفة بعض الشيء عن باقي الأطفال المغاربة في هولندا، وقالت في تصريح لموقع يابلادي، "لقد نشأت في حي يقطنه الهولنديون فقط، وقد استغرق الأمر سنوات لأتعرف على مغاربة آخرين يعيشون في البلاد".

درست جميلة في مدارس هولندية، إلا أنها كانت تذهب في نهاية الأسبوع للمسجد من أجل تعلم اللغة العربية، وتقول جميلة إنها عندما كانت تدرس في المدرسة الابتدائية، كانت تعتبر نفسها هولندية ولم تدرك أنها كانت "مختلفة"، لأنها كانت محاطة بالهولنديين فقط.

وفي المدرسة الثانوية، تعرضت جميلة لموقف ترك بصمة قوية في حياتها، حين طلب أحد الأساتذة من التلاميذ كتابة المهن التي يعمل بها أقاربهم، وتتذكر جميلة تلك اللحظة قائلة، "حاولت جاهدة من أجل إيجاد واحدة، في الوقت الذي كان زملائي في الصف يكتبون أسماء مختلف الوظائف الجيدة، من قبيل طبيب ومحامي وغيرها، لأن والدي لم يكن حينها يتوفر على عمل مثله مثل معظم المغاربة وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية"، آنذاك تغيرت نظرة جميلة للحياة، وبدأت تحلم بأن تصبح شخصا مهما، لكي لا يتعرض أخواتها لموقف مماثل.

ولجت جميلة بعد حصولها على البكالوريا إلى الجامعة لمتابعة دراستها في شعبة الأعمال والاقتصاد، وتخصصت في الأعمال المصرفية والتأمين وحصلت بعد ذلك على ماستر في الاتصالات الاستراتيجية والعلوم التنظيمية، وأكدت أن حلمها كان يتمثل في الاشتغال "كسمسار بورصة في وول ستريت، أو مستشارة إدارية لمؤسسة كبيرة".

إلا أن مسار الشابة المغربية المهني، اتخذ منعطفا آخرا، بعد أن توصلت برسالة بريد إلكتروني في أحد الأيام، حيث تحكي أن "شخصا من منظمة كنت أعمل فيها كمتطوعة، بعث لي إعلان عمل في نقابة عمالية هولندية". وبالرغم من أنها ليست الوظيفة التي كانت تحلم بها جميلة، إلا أنها تقدمت بطلب للحصول عليها، لتصبح بعد ذلك نائبة رئيس المنظمة، وقالت الشابة المغربية "كنت خائفة في البداية لأنني كنت أعتقد أن لا أحد سيوظفني إذا عملت في نقابة (...) ولكن عندما أجريت بعض الأبحاث، وجدت أن هولندا لديها نموذج خاص لنقابات العمال، التي تجمع بين الحكومة والنقابات وأرباب العمل معا ".

وأكدت جميلة أن تجربتها في النقابة العمالية التي دامت ثلاث سنوات، أضافت لها الكثير في مسارها المهني، ومكنتها من اكتساب خبرة أكثر في المجال الاجتماعي، لتشتغل بعد ذلك كخبيرة استشارية مستقلة وتصبح عضوا نشيطا في حزب العمل الهولندي.

وبعد احتكاكها بسياسيين واكتسابها خبرة أكثر مع النقابيين، قررت سنة 2017 تقديم طلب لتصبح ممثلة المرأة الهولندية في الأمم المتحدة، واسترسلت قائلة "كان موضوع الأمم المتحدة في تلك السنة يدور حول التمكين الاقتصادي للمرأة في عالم الشغل المتغير، ولأنني اكتسبت خبرة مع النقابة وسوق العمل، فقد قررت أن أستخدم خبرتي في ذلك".

وأوضحت جميلة أن ذلك "المنصب كان الوحيد من نوعه، لأن هولندا هي البلد الوحيد في العالم الذي يعين ممثلاً مستقلاً للمرأة"، حيث تم ترشيح جميلة من قبل المجلس النسائي الهولندي، وهي منظمة توحد المجموعات النسائية في جميع أنحاء البلاد، قبل تعيينها من قبل وزير الخارجية الهولندي، لتصبح بذلك أول امرأة هولندية من أصل مغربي تحظى بهذا الترشيح.

وتم تعيين جميلة كممثلة للنساء في هولندا، وكان عيها أن تحضر خطابا لتلقيه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تتحدث من خلاله عن الملاحظات التي سجلتها والمواضيع التي تطرقت لها مع ممثلات من النساء والرجال والسياسيين ومسؤولي الشركات والحكومة في هولندا.

وقالت جميلة، أردت أن أكون صوتًا شاملاً، وأتكلم بالنيابة عن النساء الهولنديات (...) نحن أكثر دول العالم تنوعًا وأردت أن أمثل جميع النساء بغض النظر عن خلفياتهن وعرقهن".

وهو ما حدث بالفعل، حيث تحدثت جميلة في خطابها بالأمم المتحدة مع النساء والرجال والحكومات والسياسيين بهدف تمكين المرأة وتحريرها، مستشهدة بتجربتها الشخصية، وقالت بنبرة يملأها الفخر "لقد بدأت حديثي بقصتي الشخصية وكيف أرسل جدي والدي إلى هولندا للبحث عن حياة أفضل".

وتحدثت في خطابها أيضا عن المنصب الذي تشغله وعن حلم والديها في توفير حياة أفضل لأطفالهم، وعن "منحهم فرص تعليم وعمل أفضل في هولندا"، وأضافت "أردت أن أبرز قوة التعليم والفرص التي يمكن أن تجعلك تتقدم نحو الأمام".

كان خطاب جميلة مصدر إلهام للعديد من الشابات، اللواتي آمن أن الوصول إلى منصب مماثل ليس مستحيلا، وقالت إنه بعد مرور سنة واحدة على تعيينها ممثلة للنساء الهولنديات في الأمم المتحدة، ارتفع عدد النساء اللائي يتقدمن بطلب لشغل هذا المنصب بنسبة 100 في المائة، من خلفيات متنوعة.

كما توصلت جميلة بمجموعة من رسائل التهنئة على مواقع التواصل الاجتماعي، من طرف شابات عديدات، وقالت "أخبرنني أنهن ترغبن في سلك نفس الدرب الذي سلكته"، وهو ما أشعرها بالسعادة والافتخار.

بعد التجربة التي خاضتها جميلة في الأمم المتحدة، تشتغل الشابة المغربية الآن على موضوع يستهدف النساء في أوروبا الشرقية ومنطقة الشرق الأوسط، وهي الآن خبيرة استشارية مستقلة ومدربة تعمل على "تمكين المرأة"، كما تترأس أيضا تدريبات وأوراش عمل حول القيادة والتمكين.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال