القائمة

أخبار

أزمة كورونا تفاقم معاناة الطلبة المغاربة في فرنسا

أعادت وفاة طالب مغربي شاب في مرسيليا محنة الطلاب المغاربة في فرنسا إلى الواجهة. إذ يجدون أنفسهم محاصرين في مدن شبه خالية، بعدما تقطعت بهم السبل في ظل أزمة كورونا، كما أنهم أصبحوا محرومين من مزاولة الأعمال التي كانت تسعفهم في تغطية نفقات دراستهم، وما زاد الطين بلة هو طول المسافات التي تفصلهم عن عائلاتهم.

نشر
Photo d’illustration Claude Prigent / Le Télégramme)
مدة القراءة: 4'

بعد الإعلان في فرنسا عن حالة الطوارئ الصحية لتجنب انتشار فيروس كورونا المستجد، وجد العديد من الطلبة الأجانب أنفسهم في وضعية لا يحسدون عليها.

في يوم الثلاثاء 7 أبريل، لقيت طالبة هندية تبلغ من العمر 23 سنة مصرعها، بعدما ألقت بنفسها من الطابق الرابع من مبنى الحرم الجامعي الواقع بإقليم الإيفلين الفرنسي. وقال مصدر مقرب لموقع "لو باريزيان" إنها "كانت تعاني من اكتئاب بسبب بعدها عن أسرتها وأيضا بسبب الحجر الصحي بالإضافة إلى الضغط المرتبط بدراساتها".

ولا يعتبر الطلبة المغاربة في فرنسا استثناء. ففي الأسبوع الماضي، تم العثور على طالب مغربي في جامعة إيكس مرسيليا ميتاً في شقته، إثر تعرضه لنوبة قلبية، حسب ما توصلنا به من أحد المصادر.

وفي تصريح لموقع يابلادي، قال يونس الدرهوسي القنصل العام للمغرب في مرسيليا إن الطالب "توفي يوم 9 أبريل في مرسيليا لكنهم لم يكتشفوا ذلك إلا في اليوم الموالي، وأخضعت جثته للتشريح طبي، وتم ابلاغنا بعد ذلك بالحادثة" وأضاف "لم يكن لديه معارف هنا، لذلك كان من الصعب تحديد مكان عائلته. لكن في النهاية، تمكنا من العثور على عنوان والده الذي يسكن في مدينة الراشيدية".

وأكد مصدرنا أن الشاب المتوفى كان يعاني من "نوبات قلق" ومن الوحدة، وتفاقمت حالته بسبب الحجر الصحي، وأضاف أنه سيتم دفنه اليوم الأربعاء في مرسيليا. وبهذا الخصوص قال "طلبنا من وزارة الخارجية تغطية تكاليف الدفن وتوصلنا بالموافقة يوم الاثنين. وبسبب الحدود المغلقة في فرنسا، قمنا بتكليف شركة للجنازات بدفن جثته" مؤكدا أنه يتابع "هذا الملف عن كثب".

وتسلط هذه القضية الضوء على الوضع الصعب الذي يعيشه الطلاب المغاربة في فرنسا في ظل هذه الأزمة وخاصة في مرسيليا. وقال طالب يدعى سليم* واثنان من زملائه كلهم من جنسية مغربية، في حديثهم لموقع يابلادي إن "وضعنا المادي يزيد صعوبة يوما بعد يوم حيث لم يعد بإمكاننا مزاولة أي عمل في ظل هذه الظروف (...) الآن ليست لدينا أية موارد مالية" وأضاف "نحن بعيدون عن عائلاتنا ولا نريد أن يتكرر ما وقع مع الطالب الذي توفي".

 وأوضح الطلبة المغاربة الثلاثة "أنهم حاولوا الاتصال" بالقنصلية المغربية في مرسيليا، ولكن دون جدوى. وقال طالب مغربي رابع يقيم في مرسيليا، إنه لايزال يعيش تحت وقع الصدمة إثر وفاة الطالب المغربي، وتابع "لا تقدم القنصليات المغربية الدعم الكافي للمغاربة بشكل عام" في فرنسا.

ودفعت هذه الوضعية التي يعيشها الطلاب الأجانب في فرنسا، المركز الإقليمي لأعمال الجامعة والمدرسة " Crous "  إلى إنشاء نظام خاص. وقالت مها* وهي طالبة مغربية بجامعة إيكس إنبروفانس "اتصلوا بنا جميعًا في أعقاب الوضع الحالي. وسألونا ما إذا كنا بحاجة لأي مساعدات غذائية أو مالية أو حتى لأطباء نفسانيين، أو ما إذا كنا نواجه صعوبة في دفع الإيجار" وأضافت أن "المركز قام بالفعل بدراسة بعض الطلبات، وهو في صدد معالجة طلبات أخرى، إذ تلقى العديد من الطلاب بالفعل مساعدات مالية". 

إلا أن هذه المساعدات تبقى "غير كافية" بحسب سليم، الذي قال إنه لم يتلق في الوقت الراهن سوى "مساعدات غذائية". ويجد معظم الطلبة الأجانب أنفسهم محصورين في الحرم الجامعي الشبه مهجور تقريبا، إذ أن جميع الطلاب الفرنسيين غادروا الحرم الجامعي والتحقوا بعائلاتهم في مختلف المدن الفرنسية.

ودفع هذا الوضع أيضا إلى إطلاق مبادرات فردية من أجل مساعدة الطلاب الأجانب بشكل خاص والمغاربة بشكل عام، وذلك من خلال تقديم وتوزيع المواد الغذائية عليهم، وأيضا توفير مساكن لهم. وقال مصدر من القنصلية المغربية في مرسيليا "نحاول التفاعل أكثر مع الطلاب الأكثر تضررا الذين لجأوا إلى القنصلية".

وأكد المصدر نفسه، أن "أربعة طلاب مغاربة طلبوا مساعدتهم" وأكد أنه قدم لهم "سلة من المواد الغذائية تكفيهم لمدة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، ومن المنتظر أن نفعل الشيء نفسه الأسبوع المقبل" وأوضح أنه "تم تقديم مساعدات مالية لطالبين آخرين كانا في وضع صعب" مشيرا إلى أن القنصلية "لا تملك موارد خاصة لمثل هذه العمليات".

وتابع مصدرنا، أنهم "مواطنون مغاربة والوضع حساس بسبب الحجر الصحي وأيضا بسبب بعدهم عن عائلاتهم. نحن نحاول أن نبذل قصارى جهدنا لمساعدتهم، في انتظار أن تتحسن الأمور".

يشار إلى أن عدد الطلاب المغاربة في الجامعات الفرنسية يتجاوز 40 ألف طالب، يعيش معظمهم وضعا صعبا خلال هذه الأزمة الصحية العالمية.

* تم تغيير الأسماء

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال