القائمة

أخبار  

دياسبو #141: مصطفى بهجة..المسرحي المغربي الذي رفض أن يكون طيارا عسكريا

دخل المغربي مصطفى بهجة عالم المسرح في إسبانيا منذ عشرين سنة، إذ يعتبر من أوائل الفنانين المغاربة الذين صنعوا لهم اسما في الساحة الفنية الاسبانية.

نشر
مصطفى بهجة
مدة القراءة: 4'

ولد المسرحي المغربي مصطغى بهجة في عام 1974 بالحي العسكري بمدينة فاس، وسط ثلاثة إخوة وأخت واحدة، كان والدة يريده أن يصير طيارا عسكريا. خصوصا وأن المغرب كان يشجع الشبابا آنذاك على التجنيد. لكن الحي الذي كانت تقطنه أسرة مصطفى، كان يقع على بعد خطوات قليلة من حرم جامعة ظهر المهراز، حيث كان الطلاب يناضلون من أجل تدريس الفنون والفلسفة، لمساهمتها في تكوين عقد نقذي لدى الأجيال الصاعدة.

وخلال حديثه مع موقع يابلادي قال مصطفى "لم أكن أنتمي لأي حزب سياسي أو منظمة طلابية، لكنني شاركت في عدة مظاهرات ثقافية، إذ كان لها وقع كبير خلال الثمانينات في فاس سواء إلى جانب الاتحاد الوطني لطلاب المغرب (أوطم) أو منظمات طلابية أخرى" وأضاف "معظم أصدقائي أصبحوا أساتذة جامعيين ومدرسي لغة أو فلسفة".

ومنذ طفولته، انجذب مصطفى بهجة إلى ورشات المسرح المدرسي أكثر من الدروس العلمية والحسابية وقال "لم أكن طالبًا سيئًا، لكني لا زلت أحتفظ بذكرى سيئة لمدرس رياضيات من المدرسة الابتدائية، بسببه اخترت شعبة الأدب. وهناك تولد بداخلي حب الشعر والفلسفة والدراما ".

ويحكى مصطفى أنه كان يشارك كل سنة في مهرجان المسرح المدرسي، وهو ما سمح له باكتساب خبرات كبيرة على يد العديد من الفنانين المسرحيين بفاس، تحت إشراف الكاتب والمخرج محمد الكغاط. ليختار بذلك المسرحي المغربي، مسارا غير ذلك الذي كان يريده له والده.

"كنت دائما أمازح أبي الراحل، ونتذكر عمله في الصحراء، إذ كان مسؤولاً عن تدريب الشباب على كيفية ضرب الطائرات المقاتلة، وفي نفس الوقت كان يحلم بأن يصبح ابنه طيارا عسكريا! لكن الحقيقة هي أنه كان يريد أن يجنبني الصعوبات التي يواجهها الجنود على الأرض، والذين مات الكثير منهم في المعارك آنذاك".

مصطفى بهجة

ولم يكن إقناع مصطفى لأسرته بعدم الانضمام إلى الجيش، ودراس شعبة الفلسفة والعلوم السياسية، أمرا سهلا. بعد ذلك قرر تجربة حظه داخل المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، وذلك بتشجيع من أحد أصدقائه، حيث ربطته هناك علاقة زمالة وصداقة، مع الكاتب جمال بودومة وأيضا مع الممثل عبد الصمد مفتاح الخير.

وخلال مساره الدراسي بالمعهد، ألهمت مصطفى صورة والدته وقال "عندما كان والدي منشغلا في العمل بالجيش، كانت والدتي هي التي ترعانا. كانت تهتم بمدخرات الأسرة، وتعليمنا، وتربيتنا ... لقد علمتنا الطبخ وكيف نكون مستقلين" وأضاف "كما تعلمنا الانضباط أيضا من والدي، الذي بالرغم من حصوله على مراتب عليا، إلا أنه ظل كما كان ولم يتغير فيه شيء".

 وبعد تخرجه من المعهد في عام 1998، سعى مصطفى بهجة إلى الغوص أكثر في المجال الفني. حيث قاده فضوله بالمجال إلى تحليل التمثيل المسرحي، إذ تردد حينها بين متابعته دراسته في السينما بإيطاليا أو فنون المسرح في فرنسا، لكن القدر في النهاية، قاده إلى هولندا، حيث التحق بالمدرسة العليا للفنون في أوتريخت، وقضى هناك عاما كاملا.

"كانت أجواء الدراسة جيدة للغاية وكوني أنحدر من منطقتي أزرو وإفران، كنت أتخيل أن التكيف مع المناخ لن يكون مشكلة بالنسبة لي. لكنني واجهت صعوبة مع الطقس البارد، مما دفعني إلى مغادرة البلاد في نهاية بحثي! "

مصطفى بهجة

وفي الوقت الذي كان يخطط فيه العودة إلى المغرب، وإكمال مشواره، تعرف مصطفى على منتجين ومخرجين إسبان، كانوا يبحثون عن ممثلين مغاربة، مما فتح له باب السينما والفنون المسرحية الأيبيرية.

وفي مدينة إشبيلية، اشتغل مع المخرج الاسباني خوان دولوريس كاباليرو في البداية كممثل، ليعرض عليه بعد ذلك الاشتغال معه كمساعد مخرج، لإنتاج عروض مسرحية موسيقية. وأطلقا حينها نسخة جديدة من فرقة Teatro del Velador، وشغل فيها المسرحي المغربي ممثلا وكاتبا وفي المونتاج. 

رغم العمل الكثير، لم يشعر الفنان المغربي بالإرهاق، معتمداً على مواهبه كمصمم رقصات ومؤلف موسيقى وعازف. إذ لعبت الفرقة في أرقى المسارح، سواء على خشبة المسرح الوطني الإسباني، أو مسارح أوروبا.

ولازالت تربط مصطفى علاقات مع المغرب، إذ اشتغل أيضا مع ليلى المراكشي في فيلمها Rock the Casbah، الذي صدر في عام 2013.

ولكن خلال السنوات الثلاث الماضية، خصص مصطفى بهجة مزيدًا من الوقت للقراءة والبحث والكتابة. وأضح قائلا "بعد أكثر من عشرين عامًا من العمل، حان الوقت لإجراء تقييم أولي، أو استراحة للاستعداد لبداية جديدة".

وأنهى مصطفى حديثة قائلا "كوني والد لطفلين صغيرين، قررت أولا التركيز على حياتي العائلية، وأيضا للبحث أكثر وإثراء خلفيتي الفكرية وإعادة تنظيم الأشياء قليلاً على المستوى الفني، حتى لا أجد نفسي منغمسًا في إعادة إنتاج نفس الأعمال بدون إبداع".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال