القائمة

أخبار

فيروس كورونا: ما سبب انعدام ثقة المغاربة في قرارات الحكومة؟

في الأيام الماضية، زاد منسوب انعدام ثقة بعض المغاربة في القرارات الحكومية، فبالإضافة إلى طول مدة الحجر الصحي التي تم فرضها، أصبحت القرارات الفجائية التي يتم اتخاذها موضع تنديد من لدن الكثيرين.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

أصبحت المملكة في الأيام الأخيرة، تشهد ارتفاعا ملحوظا في عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا المستجد، إلا أن هذه الزيادة المقلقة، لم تزد من وعي بعض فئات المجتمع، إذ أصبح يسجل تراخ كبير في الالتزام بالتدابير الوقائية.

فقبل أيام احتفلت بعض ساكنة أكادير بمهرجان تزامن مع عيد الأضحى، رغم أن المنظمة غير الحكومية المسؤولة عن تنظيم هذا الحدث، سبق وأعلنت قبل أيام قليلة، إلغاء نسخة هذه السنة، التزاما بالإجراءات الوقائية التي فرضتها السلطات، لكن ذلك لم يمنع الشباب من الخروج إلى شوارع عاصمة سوس مساء السبت للاحتفال بـ "بوجلود"، دون ارتداء الكمامات ودون احترام التباعد الاجتماعي.

وقبل ذلك، عرفت مداخل ومخارج مجموعة من مدن المملكة، ازدحاما هائلا، عندما قرر العديد من المغاربة السفر، مستبقين القرار الذي أعلنته السلطات المغربية بمنع التنقل من وإلى ثمانية مدن مغربية.

في تصريح لموقع يابلادي قال الدكتور شكيب كسوس المختص في الأنثروبولوجيا "لدينا انطباع بأن هناك بعض الارتباك على المستوى الحكومي". وأشار في هذا الصدد إلى "إعلان تمديد الحجر الصحي من قبل رئيس الحكومة، يليه إعلان، في اليوم التالي، من قبل وزارة المالية بالسماح للشركات باستئناف نشاطها" وأيضا "دعوة رئيس الحكومة للمغاربة بالحذر في العيد التي تلاها بلاغ لوزارتي الصحة والداخلية حول منع التنقل من وإلى ثمانية مدن".

 بالنسبة له، فإن هذه "الخطابات كانت متناقضة مع بعضها البعض" والمغاربة "كانوا قد خططوا للسفر، قبل منعهم من السفر في اللحظة الأخيرة". علاوة على ذلك، فإن هذا الحظر "لم يتم التحكم فيه على أرض الواقع، وهو الأمر الذي شاهدناه على مواقع التواصل الاجتماعي".

"في يومنا هذا، أصبحت كلمة الحكومة غير واضحة بما فيه الكفاية ولا مفهومة من قبل المغاربة. لا يمكنك أن تطلب من الناس البقاء في منازلهم في الليل والذهاب إلى عملهم في اليوم التالي".

شكيب كسوس

وبالنسبة لعالم الاجتماع فإن "اليوم الذي قررت فيه السلطات تخفيف الحجر الصحي، اعتقد مجموعة من الأشخاص أن كل شيء عاد إلى طبيعته" وأضاف قائلا "من الصعب السيطرة ومراقبة ما إذا كان الأشخاص يلتزمون بالتباعد الاجتماعي، أو غسل اليدين، على عكس ارتداء الأقنعة، لذلك على الدولة ألا تتنازل عن مراقبة ارتداء الكمامات، لأنه بمجرد التساهل سيعتقد الناس أن الخطر تراجع".

فيما يرى محسن بن زاكور الخبير في علم النفس الاجتماعي، أن هناك "مجموعة من العوامل التي تساهم في هذه الظاهرة، لاسيما انعدام الثقة بقرارات الحكومة بعد القرار المميت المتمثل في إغلاق 8 مدن بين عشية وضحاها". وأوضح قائلا "في المغرب، هناك ما هو رسمي، مثل قرار المنظمة غير الحكومية بإلغاء المهرجان في أكادير، لكن بالمقابل، تجد أولئك الذين يجدون متعة في الاحتفال بهذه المناسبة".

أصبح المغاربة يشككون في قرارات الحكومة. عندما تم فرض الحجر الصحي في البداية، أصبح المغرب مضربا للمثل، لكن نرى اليوم أرقاما مقلقة".

محسن بن زاكور

ويرى ابن زاكور أن عدم الامتثال لقرارات الدولة، هو الذي أدى إلى مسارعة عدد كبير من الأشخاص للسفر قبل أيام من العيد، وأضاف أن العلاقة بين الحكومة والشعب، أصبحت "تنعكس بشكل خاص في الرسوم الساخرة، والنكت التي يتم تداولها بين مجموعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي".

ويرى الدكتور كسوس أنه بعد "القرارات الشجاعة والمهمة التي تم اتخاذها في بداية الحجر الصحي والتي التزمت بها الساكنة" لوحظ التراخي في الالتزام بها منذ الشهر الثاني من الحجر، موضحا أن "المغاربة الذين قرروا الخروج وقتها كانت لهم أسبابهم" وخاصة الاقتصادية، رغم أن "مساعدات الدولة مهمة لكنها ليست كافية".

وأضاف قائلا "تمكنوا من ملاقاة بعضهم البعض، وبالتالي التراخي في التدابير. وهذا أيضًا ما وقع في أوروبا. في مرحلة ما نحتاج إلى الاستمتاع ومقابلة الآخرين".

ويعتقد الباحث المغربي في علم الاجتماع زكرياء أكضيض أن "هناك أيضا عادات وتقاليد تفرض قيودًا اجتماعية داخل المجتمع المغربي". وبسبب الاستياء من "القرارات المتخذة من طرف الحكومة، يتم الإصرار على ممارسة هذه العادات والتقاليد".

"منذ بدء الحجر الصحي، ظل المغاربة متشبثين ببعض الممارسات، حتى لو كانت تتعارض بشكل مباشر مع تدابير حالة الطوارئ الصحية. على سبيل المثال، في شهر رمضان، صلى البعض صلاة التراويح في مجموعات في منازلهم أو على أسطح المنازل".

زكرياء أكضيض

وبالنسبة له "هذه العادات والتقاليد لها معنى بالنسبة للمغربي ومن الصعب منعه من ممارستها في لحظة معينة" وأنهى حديثه قائلا "حتى لو تمكنا من توعيته في البداية، فإنه فالنهاية سيتخلى عن الالتزام ويعود إلى ما كان عليه".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال