القائمة

أرشيف

تاريخ: وثائق أمريكية سرية تؤكد رغبة الجزائر في خلق دويلة بالصحراء للوصول إلى المحيط الأطلسي

تدعي الجزائر أن موقفها من "دعم تقرير مصير الشعب الصحراوي" مبدئي وغير قابل للمقايضة والتنازل، وأنها مجرد طرف مراقب في نزاع الصحراء، غير أن وثائق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية رفعت عنها السرية قبل سنوات، تؤكد أن الجزائر لا تدعم جبهة البوليساريو من أجل سواد عيونها، بل لكي تحصل على منفذ إلى المحيط الأطلسي، وتكسب دويلة جديدة تتحكم في كل قراراتها.

نشر
DR
مدة القراءة: 7'

تستخدم الجزائر ذريعة "دعم الشعب الصحراوي لتقرير مصيره" من أجل تبرير تبنيها لأطروحة جبهة البوليساريو ودعمها بالمال والسلاح، محاولة بذلك إخفاء هدفها الرئيسي من وراء ذلك، والمتمثل في إضعاف المغرب، لأخذ زمام المبادرة في منطقة المغرب العربي، وأيضا الوصول إلى المحيط الأطلسي، بحسب ما جاء في وثيقة لوكالة المخابرات المركزية، تعود لدجنبر من سنة 1977، رفعت عنها السرية في نونبر 2012.

وتؤكد الوكالة الأمريكية، أن ضم المغرب "للصحراء الإسبانية" يمثل "مصلحة وطنية حيوية"، وتدعمه جميع شرائح المجتمع في البلاد، مشيرة إلى أن هذا الضم "له أساس تاريخي وديني عميق مع انعكاسات أساسية على الاستقرار السياسي للنظام. كما أنه مرتبط بشكل مباشر بقدرة المغرب على مواجهة منافسه الجيوسياسي الأساسي، الجزائر".

وشككت الوكالة في وثيقتها في صحة التحليلات التي تتحدث عن ضم المغرب للصحراء لرغبته في "الهيمنة على سوق الفوسفاط الدولي"، وقالت إن مطالب المغرب في الصحراء "تمتد بعمق في تاريخ الأمة. قبل فترة الاستعمار، مارس الحكام المغاربة درجات متفاوتة من السيطرة على جزء كبير من شمال غرب إفريقيا. من القرن العاشر حتى القرن السابع عشر، تغلغل النفوذ المغربي في الصحراء الغربية وموريتانيا وجنوب غرب الجزائر وحتى مالي".

وأضافت أنه إذا كان أغلب المغاربة "قبلوا خسارة جزء كبير من أراضي المغرب قبل الاستعمار كأمر واقع" في إشارة إلى الصحراء الشرقية، فإن "الصحراء الغربية، مع ذلك، هي الاستثناء الملحوظ: فمنذ أوائل السبعينيات، ركز التيار الوحدوي القوي على الصحراء الإسبانية السابقة، التي اعتبرها المغرب فرصته الأخيرة لاستعادة بعض أراضيه المنهوبة".

"إن مطالبة المغرب بالصحراء لا تستند إلى تعريف غربي للسيادة. (جاء في قرار محكمة العدل الدولية في أكتوبر 1975 أن روابط الولاء بين القبائل المختلفة في المنطقة والمغرب وموريتانيا في وقت الاستعمار الإسباني عام 1885 لم تكن كافية لإرساء سيادة إقليمية). بل هي ذات طبيعة تاريخية وثقافية متجذرة بعمق في المفاهيم الإسلامية عن ولاء شعب ما للقسم للملك ومرتبط بالسيطرة المغربية المتقلبة قبل الاستعمار على المنطقة...، نتيجة لذلك دعمت جميع شرائح الشعب المغربي تقريبًا، الحداثية منها والتقليدية، بشكل ساحق عدالة سياسة المغرب المتعلقة بالصحراء".

وثيقة وكالة المخابرات الأمريكية

وأشارت الوثيقة إلى أن أحزاب المعارضة اليمينية واليسارية بدورها سخرت إمكانياتها للدفاع على أحقية المغرب بالتواجد في الصحراء، "كما يتضح من التعبئة خلال المسيرة الخضراء في نونبر 1975".

وتابعت "ظل الدعم الوطني لسياسة الملك الخاصة بالصحراء مرتفعاً بشكل ملحوظ على الرغم من التكاليف الباهظة والعدد المتزايد من الخسائر العسكرية. وبالتالي، تعتبر مسألة الصحراء من قبل القيادة المغربية على أنها حاسمة من وجهة النظر السياسية الداخلية. إذا حاول الحسن الثاني التراجع عن مطالب المغرب في الصحراء، فسيواجه فقدان الشرعية".

الجزائر طرف رئيسي

وأوضحت الوثيقة أن الرئيس الجزائري هواري بومدين، أعاد تقييم موقف الجزائر بعد الاتفاق المغربي والموريتاني بشأن الصحراء في القمة العربية التي عقدت في الرباط عام 1974، وأكدت أن الجزائر شنت بعد ذلك "حربا بالوكالة" ضد موريتانيا والمغرب باستخدام البوليساريو

"على الرغم من أن السبب الظاهري للجزائر لدعم البوليساريو هو مبدأ تقرير المصير، فإن تنافسها التاريخي مع المغرب على الهيمنة في شمال غرب إفريقيا هو الدافع الأساسي لها. هدف الجزائر في النزاع هو إقامة جمهورية صحراوية مستقلة، يكون لديها تأثير مهيمن عليها. وهذا من شأنه أن يحرم المغرب من الموارد الاقتصادية الكبيرة للإقليم ويعرقل الجهود المغربية لتقييد وصول الجزائر في المستقبل إلى المحيط الأطلسي".

وثيقة وكالة المخابرات الأمريكية

وجاء في تقرير الوكالة أن بومدين يعارض "ادماج الصحراء الغربية في المغرب لأنه سيتحدى تطلعات الجزائر للسيطرة على شمال إفريقيا". وواصل "يشعر المغاربة أنهم لا يستطيعون التخلي عن مطالباتهم في الصحراء للأسباب التالية: إنشاء دولة صغيرة يهيمن عليها الجزائريون ستكون بمثابة حبل مشنقة حول المغرب، مما يفصله عن حليفه الموريتاني وبقية الدول. وجمهورية صحراوية متطرفة ستكون بمثابة قاعدة خلفية للجماعات المغربية الثورية، التي قد يكون بعضها قد أقام بالفعل صلات مع جبهة البوليساريو. والثروة الفوسفاطية الهائلة".

وخلصت الوثيقة إلى أنه "من غير المرجح أن يوافق المغرب على أي صيغة تسوية تهدد مطالبته بالسيادة على الصحراء، على الرغم من أنه من المرجح أن يكون مرناً فيما يتعلق بالجوانب الأخرى للتسوية المحتملة (الاستغلال المشترك لموارد الصحراء، ضمان الوصول إلى الأطلسي للجزائر ، عفو عن مقاتلي البوليساريو...).مضيفة أن المملكة تعتمد على "استمرار التعاون الفرنسي والدعم المالي السعودي، الذي يبدو مضمونًا".

وجاء في وثيقة أخرى يعود تاريخها إلى أبريل من سنة 1987، رفعت عنها السرية في يوليوز 2012، "تدرك الرباط والجزائر أن الوسائل العسكرية لن تحل النزاع، وأن وجهات نظرهما بشأن تسوية تفاوضية تتقارب ببطء".

وأوضحت الوثيقة أن الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد من 9 فبراير 1979 وحتى 11 يناير 1992 هو "مفتاح التقدم"، حيث "سيضطر في النهاية إلى تقديم تنازلات دبلوماسية لأن حكومته لن تخاطر بحرب شاملة لوقف جهود الملك الحسن الناجحة لتعزيز قبضته على الصحراء الغربية".

وستبحث الجزائر عن "صيغة لحفظ ماء الوجه. سيكون الحل الدبلوماسي الأكثر ترجيحًا قائمًا على مفهوم الفيدرالية، بما في ذلك سيادة الحسن على الصحراء الغربية مقابل درجة من الحكم الذاتي للبوليساريو. هذا النوع من التسوية من شأنه أن يرقى إلى الوصاية المغربية على الصحراء الغربية، ربما تحت رعاية الأمم المتحدة، وسيمنح الجزائر مخرجًا من الصراع دون الاعتراف بالهزيمة".

واعتبرت الوكالة أنه "من غير المرجح أن يغير الحل علاقات موسكو مع المغرب أو الجزائر. يعتقد السوفييت أن أملهم ضئيل في إضعاف علاقات المغرب القوية مع الولايات المتحدة. وافقت موسكو على نقل الجزائر للأسلحة إلى البوليساريو، لكنها لا تريد تعريض العلاقات مع الرباط للخطر من خلال دعم البوليساريو علنًا".

"يمكن للتسوية أن تعزز مكانة الولايات المتحدة في المنطقة المغاربية، ويرجع ذلك أساسًا إلى أنها ستقوي المغرب، أقرب صديق لواشنطن في المنطقة. ومع ذلك، يمكن أن يشجع الملك الحسن أيضًا على اتخاذ خطوات - مثل المبادرات أحادية الجانب في عملية السلام العربية الإسرائيلية - من شأنها أن تعقد المصالح الأمريكية الأخرى في المنطقة. قد يضغط الملك على الولايات المتحدة لتقديم مساعدات مالية وعسكرية متزايدة مقابل استعداده لدعم المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، لكنه ربما لن يضعف علاقاته بالولايات المتحدة. من المرجح أن تنظر الجزائر إلى واشنطن باعتبارها مسؤولة جزئياً عن نجاح المغرب في الصحراء الغربية".

وثيقة وكالة المخابرات الأمريكية

الموقف يميل لصالح المغرب والجزائر قد تدعم "عمليات إرهابية" للبوليساريو

وبخصوص المواجهات العسكرية جاء في الوثيقة "احتفظت جبهة البوليساريو ورعاتها الجزائريين بزمام الأمور حتى عام 1981 ، عندما بنى المغرب أول سور له. منذ ذلك الحين، استولى المغرب على المبادرة ويسيطر الآن على أكثر من ثلثي الصحراء الغربية. دبلوماسياً، لم تحقق الرباط نفس النجاح".

وتابعت "الرباط مستعدة لمواصلة الحرب إلى أجل غير مسمى. تقوم الحكومة ببناء ساتر جديد سيسمح لها بالسيطرة على حوالي 90 بالمائة من الأراضي. ونعتقد أن هذه الخطوة تعكس تشاؤم الرباط بشأن فرص التوصل إلى تسوية سياسية مواتية على المدى القريب. نعتقد أن استراتيجية الملك الحسن الدبلوماسية كانت المماطلة لبعض الوقت والتمسك بمواقفه من أجل التسوية. على الرغم من رفضه التسوية والتزامه العسكري الراسخ، نعتقد أنه يدرك أن النصر العسكري لا يمكن تحقيقه أو لن يحل الخلاف وأن الحل السياسي وحده هو الذي يمكن أن ينهي الصراع".

وأوضحت أن "الاعتماد الاقتصادي والعسكري لجبهة البوليساريو على الجزائر لا يمنحها فسحة كافية لتحدي رغبات الجزائر". وعبرت الوكالة عن اعتقادها بأن "إحباط بن جديد من هذا المأزق والإغلاق شبه الكامل للمنطقة بواسطة السواتر قد يدفع الجزائر في النهاية إلى رفع المخاطر العسكرية. الجزائر ، على سبيل المثال، يمكن أن تسمح للمتمردين بالانخراط في الإرهاب داخل المغرب. قد تقرر الجزائر أيضًا المشاركة بشكل مباشر في القتال. في كلتا الحالتين، تأمل الجزائر في إجبار الحسن الثاني على الجلوس إلى طاولة المفاوضات دون إثارة حرب غير مرغوب فيها بين البلدين".

وأوضحت الوكالة أنه في حال قيام دولة جديدة "لن تكون قابل للحياة اقتصاديًا، نظرًا لقلة عدد سكانها ونقص الموارد. وستعتمد بشكل كبير على الدعم الأجنبي وستكون عرضة للتخريب، وفي رأينا، سيستأنف المغرب والجزائر في نهاية المطاف التنافس على السيطرة على الإقليم"، وهو ما سيعيد المنطقة للمربع الأول.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال