القائمة

أخبار

منظمات حقوقية تعبر عن قلقها من تزايد التضييق على حرية التعبير بالمغرب

في ظرف أسابيع قليلة، توبع عدد من النشطاء أمام القضاء، بسبب نشرهم تدوينات أو مقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما أعاد نقاش حرية التعبير في المملكة إلى الواجهة.

نشر
الصحافي عمر الراضي
مدة القراءة: 4'

عاد نقاش حرية التعبير خلال الأيام الأخيرة ليتصدر المشهد في المغرب، بعد اعتقال وإدانة مجموعة من الأشخاص، بتهم لها علاقة بنشرهم تدوينات أو مقاطع فيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي اعتبرتها النيابة العامة مخالفة للقانون.

ففي نهاية شهر أكتوبر الماضي قضت المحكمة الابتدائية بمدينة سلا بسجن مغني الراب محمد منير الشهير بـ"سيمو الكناوي" سنة واحدة بتهمة "إهانة الشرطة"، في شريط نشر على مواقع التواصل الاجتماعي. وتم اعتقال الكناوي بعد وقت وجيز من إطلاقه رفقة فنانين آخرين أغنية منتقدة للسلطة تحمل عنوان "عاش الشعب"، وهي الأغنية التي أثارت اهتماما وجدلا واسعين.

وخلال منتصف شهر دجنبر الجاري أدانت المحكمة الابتدائية بمكناس تلميذا، من مواليد سنة 2001، بثلاث سنوات حبسا نافذا، بعد مؤاخذته من أجل جنح إهانة الهيآت الدستورية، وهيأة ينظمها القانون، وإهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بمهامهم، بعد قيامه بإعادة نشر كلمات من أغنية "عاش الشعب" على حسابه في موقع الفايسبوك.

ويوم أمس قضت المحكمة الابتدائية بمدينة سطات، بسجن محمد السكاكي المعروف بـ"مول الكاسكيطة"، بأربع سنوات نافذة، بعد مؤاخذته بتهمة "السب العلني للأفراد والإخلال العلني بالحياء بالبذاءة في الإشارات والأفعال، وإهانة المؤسسات الدستورية وحيازة المخدرات"، إثر نشره شريط فيديو عبر قناته بموقع يوتيوب.

وفي اليوم ذاته قررت المحكمة الابتدائية بعين السبع في الدار البيضاء، متابعة الصحافي عمر الراضي في حالة اعتقال، بتهمة "إهانة رجل قضاء"، بسبب تغريدة نشرها عبر حسابه في "تويتر" خلال شهر أبريل الماضي، انتقد فيها الأحكام الصادرة في حق معتقلي حراك الريف التي وصلت إلى 20 سنة.

وفي تصريح ليابلادي قالت خديجة الرياضي عضو اللجنة الإدارية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن الدولة عادت للتضييق على حرية التعبير تحت يافطة المس بالمقدسات، كما كان عليه الحال ابان انطلاق حركة 20 فبراير سنة 2011.

وأضافت الرياضي أن الدولة "أغلقت مجالات متعددة للنقاش العمومي، فالرأي المنتقد غير موجود في الإعلام العمومي والمجتمع المدني"، لذلك وجد المواطنون بحسبها متنفسا في منصات التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهم.

وأضافت أن هذه المنصات أصبحت اليوم "مجالا للتعبير عن الغضب"، وأن الدولة "تخاف ليس فقط من التعبير عن الغضب ولكن من وحدة الكلمة، وتجربة المقاطعة أبانت أنه يمكن أن للناس أن يتحدوا، لذلك الدولة تقمع كل من يتكلم كي يخاف الآخرون".

وتابعت أن "التجربة تؤكد أن الأمر الوحيد لذي يمكن أن يدفع الدولة للتراجع هي وحدة الشارع" وواصلت أنه في ظل "عدم وجود ضغط الشارع لن تتراجع الدولة، التي تحمي نفسها بوسائل متعددة من بينها القوانين، وتقدم نفسها على أنها المثال في المنطقة".

بدوره قال عادل تشيكيطو رئيس للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان ليابلادي إن المغرب يعيش اليوم "حالة نكوص وتراجع وعودة إلى الماضي" في مجال حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن "هذه الحملة تقودها جهات غير مكشوفة تشتغل بنفس ماضوي، غرضها هو قمع كل المدافعات والمدافعين عن حقوق الانسان".

وبحسب تشيكيطو فإن ما يقع اليوم "جريمة في حق الدستور، الذي ينص الفصل 25 منه، على أن حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها"، وأضاف أن "المغرب صادق على الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي تشير المادة 19 منه إلى ضرورة ضمان الحق في التعبير، وهو ما تشير إليه المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية".

وواصل حديثه قائلا "اليوم من دوَّن أو انتقد أو قال كلاما تجاوز الحدود التي رسموها يتم التضييق عليه واعتقاله (...) هذا يعيدنا إلى الماضي، أي أنهم يقولون لنا إن الانصاف والمصالحة وكل ما قام به المغرب، مجرد كلام فارغ".

وأكد تشيكيطو أن الآليات التي توجد أمام الحقوقيين محدودة "ولا يمكن أن نتجاوز البعد النضالي والترافعي للدفاع عن المكتسبات".

وعبر عن أسفه لكون أن "المنظمات الحقوقية لم يعد المسؤولون يستمعون إليها، بل أصبحت هي العدو الأول لبعضهم".

بالمقابل قال بوبكر لارغو، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان لموقع يابلادي، إن هناك "اختلافا كبيرا" بين قضية الصحافي عمر الراضي وباقي القضايا، وأوضح أن "كل دول العالم توجد فيها متابعات بالقذف والسب والكراهية".

وأشار إلى أن حالة الصحافي عمر الراضي ليست كحالة مول الكاسكية مثلا، "فالراضي عبر عن رأيه  قبل أشهر (...) ومتابعته تسيء لبلادنا ولحرية التعبير".

وعاد ليؤكد أنه "لا توجد حرية مطلقة في أي بلد (...) يجب أن يعرف الجميع أن هناك حدودا، خاصة في حالة سب الناس والتعدي على خصوصياتهم".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال